تعاني الاقتصاد العالمي منذ نهاية فبراير 2022، من جائحتين إن جاز القول، الأولى كورونا والممتدة من 2022.
أما الثانية كما يصفها مراقبون للأسواق هي الحرب الروسية الأوكرانية، التي أشعلت أسعار الطاقة، وهددت سلاسل الإمداد الدولية، ورفعت أسعار الحبوب خاصة القمح.
وصباح اليوم الإثنين أعلنت حكومة شنغهاي أنها ستفرض تدابير إغلاق على مرحلتين في المدينة للحد من تفشي موجة إصابات بالمتحورة أوميكرون في وقت تسجل الصين أعداد إصابات تعد الأعلى منذ بدايات الوباء.
وذكرت الحكومة أن أكبر مدينة صينية ستغلق نصفها الشرقي لإجراء فحوص مدى خمسة أيام اعتبارا من الاثنين، سيعقبه إغلاق مماثل في غربها اعتبارا من الأول من أبريل.
وتحوّلت المدينة التي تعد 25 مليون نسمة في الأيام الأخيرة إلى أكبر بؤرة لتفشي الوباء في البلاد والذي بدأ يتسارع منذ مطلع مارس.
ورغم أن عدد الإصابات مؤخرا ما زال ضئيلا نسبة إلى الأرقام المسجّلة في العالم، إلا أنها الأعلى في الصين منذ الأسابيع الأولى لانتشار الوباء، الذي ظهر للمرة الأولى في مدينة ووهان أواخر العام 2019.
مخاطر اقتصادية
وقال وو فان، الخبير الطبي العضو في لجنة مكافحة الفيروس “إذا توقفت عجلة مدينتنا شنغهاي كليا، ستبحر العديد من سفن الشحن الدولية في بحر الصين الشرقي”.
وأضاف الخبير الطبي العضو في لجنة مكافحة الفيروس” سيؤثر ذلك على الاقتصاد الوطني برمته وعلى الاقتصاد العالمي”.
سيارات تسلا في أزمة
ووفقا لتقارير غربية خطط تسلا لتعليق الإنتاج في مصنعها في شنغهاي، ليوم واحد على الأقل، في الوقت الذي تكثف فيه الحكومة المحلية القيود المرتبطة بـ”كوفيد”، بعد ارتفاعٍ في حالات الإصابة في المدينة.
ووفقا للتقارير إنه سيتم وقف الإنتاج، الإثنين، وأضافت أن “تسلا” لم تُعلِم موظفيها بعد ما إذا كانت ستمد التعليق لما بعد يوم الإثنين أم لا، ولم ترد “تسلا” فوراً على طلبات التعليق. وفي الأسبوع الماضي كشفت تقارير أن شركة تسلا الأمريكية علقت الإنتاج في مصنعها في مدينة شنجهاي اليوم الأربعاء ولمدة يومين.
ووفقا للأنباء فقد أبلغت تسلا الموردين بالقرار، والذي بموجبه سيتوقف العمل في المصنع يومي الأربعاء والخميس، على أن تعود للعمل يوم الجمعة المقبل.
الإصابات ترتفع في الصين
وأعلنت اللجنة الوطنية للصحة في الصين اليوم الغثنين أن البر الرئيسي سجل 1275 إصابة جديدة مؤكدة بفيروس كورونا يوم الأحد مقابل 1254 في اليوم السابق. وقالت اللجنة إن 1219 من الإصابات الجديدة انتقلت إليها العدوى محليا، مقابل 1217 في اليوم السابق.
وسجلت الصين 5134 إصابة جديدة لم تظهر عليها أعراض مقابل 4448 في اليوم السابق. ولا تصنف الصين تلك الحالات على أنها إصابات مؤكدة. وبذلك يكون بر الصين الرئيسي قد سجل حتى يوم الأحد 144515 إصابة مؤكدة، ولم تسجل الصين أي وفيات جديدة ليظل العدد عند 4638.
الحرب الروسية الأوكرانية
أتت الحرب الروسية الأوكرانية على تبقى من الاقتصاد العالمي، حيث تشير توقعات بنوك عالمية لتراجع في نمو الاقتصاد العالمي في 2022، بنحو 3% على الأقل بفعل الحرب.
النفط يتراجع
وتراجعت أسعار النفط اليوم أكثر من 5 دولارات مع تزايد المخاوف بشأن تباطؤ الطلب على الوقود في الصين بعد أن قالت السلطات في شنغهاي المركز المالي للبلاد إنها ستطبق إغلاقا على مرحلتين لاحتواء زيادة في حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وهبطت العقود الآجلة لخام برنت إلى 115.32 دولار وتراجعت 5.15 دولار أو 4.3 في المئة إلى 115.50 دولار في الساعة 0731 بتوقيت جرينتش.
وسجلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أدنى مستوى لها عند 108.28 دولار للبرميل منخفضة 5.30 دولار أو 4.7 في المئة إلى 108.60 دولار.
وارتفع كلا العقدين 1.4 في المئة يوم الجمعة ليحققا أول زيادة أسبوعية لهما في ثلاثة أسابيع مع صعود برنت أكثر من 11.5 في المئة وصعود خام غرب تكساس الوسيط 8.8 في المئة.
وقال كازوهيكو سايتو كبير المحللين في شركة فوجيتومي للأوراق المالية المحدودة “أدى إغلاق شنغهاي إلى موجة بيع جديدة من جانب المستثمرين المحبطين لأنهم كانوا يتوقعون تجنب مثل هذا الإغلاق”.
وقال “بما أنه من غير المرجح أن تزيد أوبك+ انتاج النفط بوتيرة أسرع من الأشهر الأخيرة، نتوقع أن تتحول سوق النفط إلى الاتجاه الصعودي مرة أخرى في وقت لاحق هذا الأسبوع”.
ومن المقرر أن تجتمع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها المعروفون باسم أوبك+ يوم الخميس.
وقاومت أوبك+ حتى الآن دعوات من الدول المستهلكة الرئيسية ومنها الولايات المتحدة لزيادة الإنتاج. وتزيد أوبك+ الانتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر منذ أغسطس/ آب للتخفيف من أثر التخفيضات التي تم إجراؤها عندما أثرت جائحة كوفيد على الطلب.
الذهب يخفت
وتراجعت أسعار الذهب أكثر من واحد في المئة اليوم الإثنين بعد ارتفاع الدولار الأمريكي واستقرار عوائد الخزانة قرب أعلى مستوياتها منذ عدة أشهر مع تركيز المستثمرين على محادثات السلام المحتملة بين روسيا وأوكرانيا مما أدى إلى تراجع جاذبية الذهب كملاذ آمن.
وتراجعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية 1.2 في المئة إلى 1934.61 دولار للأوقية(الأونصة) في الساعة 0651 بتوقيت جرينتش. وتراجعت العقود الأمريكية الآجلة للذهب واحدا في المئة إلى 1935 دولارا.
وقال جيفري هالي كبير المحللين في أواندا إن “الذهب يتراجع بعد توقف صعوده يوم الجمعة وارتفاع الدولار الأمريكي هذا الصباح في آسيا”.
وارتفع مؤشر الدولار إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من أسبوع مما جعل الذهب أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.
واستفاد الدولار من وضعه كملاذ آمن، وأثار الصراع في أوكرانيا توقعات بأن يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي أسعار الفائدة.
وارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات قرب أعلى مستوياتها منذ عدة سنوات بعد أن ساعدتها توقعات بتشديد مجلس الاحتياطي الاتحادي الأمريكي سياسته النقدية.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، انخفض سعر الفضة في المعاملات الفورية 1.7 في المئة إلى 25.08 دولار للأوقية وتراجع البلاتين 0.8 في المئة إلى 994.19 دولار بينما استقر سعر البلاديوم عند 2335.17 دولار للأوقية.
صندوق النقد الدولي يحذر
في 4 مارس الجاري اجتمع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في الرابع من مارس برئاسة كريستالينا جورجييفا، المدير العام للصندوق.
و قدم خبراء الصندوق إحاطة موجزة للمجلس عن الأثر الاقتصادي للحرب الدائرة في أوكرانيا، وعن المساعدة المالية التي يمكن تقديمها عبر المسار السريع للبلدان المتضررة منها.
وتُواصل الحرب في أوكرانيا تداعياتها المأساوية بحصد الأرواح وجلب المعاناة الإنسانية بالإضافة إلى إلحاق خسائر فادحة بالبنية التحتية المادية في البلاد.
وأرسلت موجة من اللاجئين قوامها أكثر من مليون لاجئ إلى البلدان المجاورة. وفي إثر ذلك، أُعلِن فرض عقوبات غير مسبوقة على روسيا.
وبينما يظل الموقف على درجة كبيرة من التقلب وتخضع الآفاق لدرجة استثنائية من عدم اليقين، فإن العواقب الاقتصادية بالغة الخطورة بالفعل. فقد حدثت طفرة في أسعار الطاقة والسلع الأولية – بما في ذلك القمح وغيره من الحبوب – مما زاد من الضغوط التضخمية الناشئة عن انقطاعات سلاسل الإمداد والتعافي من جائحة كوفيد-19.
وسيكون لصدمة الأسعار تأثير على العالم بأسره، وخاصة على الأسر الفقيرة التي يشكل الغذاء والوقود نسبة أكبر من إنفاقها.
وإذا تصاعد الصراع، فسيكون الضرر الاقتصادي أكثر تدميرا.
وسيكون للعقوبات المفروضة على روسيا تأثير جسيم على الاقتصاد العالمي والأسواق المالية العالمية، مع انتقال تداعيات ملموسة إلى البلدان الأخرى.
وفي كثير من البلدان، تخلق الأزمة الراهنة صدمة معاكسة على صعيدي التضخم والنشاط الاقتصادي، وسط ضغوط الأسعار المرتفعة بالفعل.
ومن ناحية أخرى، سيكون على سياسة المالية العامة دعم الأسر الأشد ضعفا، للمساعدة على تعويض الزيادة المستمرة في تكاليف المعيشة.
وستخلق هذه الأزمة مفاضلات معقدة على صعيد السياسات، مما يضفي مزيدا من التعقيد على مشهد السياسات في الوقت الذي يتعافى فيه الاقتصاد العالمي من أزمة الجائحة.
وفي أوكرانيا، بالإضافة إلى الخسائر البشرية، فإن الخسائر الاقتصادية جسيمة بالفعل.
فالموانئ والمطارات مغلقة من جراء الأضرار التي لحقت بها، وكثير من الطرق والكباري إما تضررت أو دُمِّرَت.
وفي حين أنه من الصعب للغاية تقدير الاحتياجات التمويلية على وجه الدقة في المرحلة الراهنة، فقد بات واضحا بالفعل أن أوكرانيا ستتكبد تكلفة باهظة للتعافي وإعادة الإعمار.
وفي هذا السياق، طلبت أوكرانيا الحصول من الصندوق على تمويل طارئ قدره 1.4 مليار دولار في إطار “أداة التمويل السريع”.
ويتوقع خبراء الصندوق تقديم هذا الطلب إلى المجلس التنفيذي للنظر فيه في مطلع الأسبوع القادم.
وستؤدي العقوبات المعلنة مؤخرا على البنك المركزي للاتحاد الروسي إلى فرض قيود شديدة على وصوله إلى الاحتياطيات الدولية لدعم عملته ونظامه المالي.
وأدت العقوبات الدولية على النظام المصرفي الروسي واستبعاد عدد من البنوك من شبكة “سويفت” إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة روسيا على تلقي المدفوعات عن صادراتها، وسداد مقابل وارداتها، والدخول في معاملات مالية عبر الحدود.
وبينما من المبكر للغاية التنبؤ بالتأثير الكامل لهذه العقوبات، فقد رأينا بالفعل هبوطا حادا في أسعار الأصول وكذلك في سعر صرف الروبل الروسي.
مخاطر أكثر تعقيدا
أما البلدان التي تربطها بأوكرانيا وروسيا علاقات اقتصادية وثيقة إلى حد كبير، فهي معرضة بشكل خاص لمخاطر ندرة الإمدادات وتعطلها، وهي الأشد تأثرا بتزايد تدفقات اللاجئين.
وقد طلبت مولدوفا زيادة الموارد المتاحة لها من خلال البرنامج الحالي الذي يدعمه الصندوق وتعديل مراحل صرف هذه الموارد، لكي تتمكن من سد تكاليف الأزمة الراهنة، وخبراء الصندوق يعكفون حاليا على مناقشة الخيارات الممكنة مع السلطات المولدوفية.
وسيواصل خبراء الصندوق مراقبة التداعيات على البلدان الأخرى في المنطقة، ولا سيما التي لديها برامج حالية يدعمها الصندوق والتي تتسم بمواطن ضعف كبيرة أو مواطن انكشاف لمخاطر الأزمة.
وسيكون للحرب الدائرة والعقوبات المرتبطة بها تأثير حاد أيضا على الاقتصاد العالمي. وسيشير الصندوق على البلدان الأعضاء بكيفية معايرة سياساتها الاقتصادية الكلية على نحو يسمح لها بإدارة مجموعة التداعيات الناجمة عنها، والتي تشمل الاضطرابات التجارية، وأسعار الغذاء والسلع الأولية الأخرى، والأسواق المالية.