على وقع التقارب الأخير الذي بات واضحاً بين الأتراك والنظام في سوريا خلال الآونة الأخيرة، لم يجد أكراد سوريا إلا أوروبا ملجأً.
فقد ازدادت أعداد اللاجئين المتدفقين من تلك المناطق باتجاه البحر بحثاً عن ملاذ آمن من الضربات التركية وحياة أفضل بكل تأكيد.
إلا أن تلك الرحلات تمر بطريق تملأها الأشواك، ولا يصل إلى مبتغاه إلا من كان عمره طويلا، كما يقال.
موجات هجرة كبيرة
أتت هذه الموجة الجديدة بعدما تركت سنوات من الصراع والاضطرابات الاقتصادية بصماتها على المناطق الشمالية من سوريا، والتي تضم حوالي 3 ملايين شخص تحت السيطرة الكردية الفعلية.
فقد استهدفت المنطقة من قبل متطرفي تنظيم داعش والقوات التركية، كما أدى تغير المناخ وتفاقم الفقر إلى تفشي الكوليرا في الأشهر الأخيرة.
في حين أعطت الأحداث الأخيرة في شمال شرق سوريا سكانها حافزا إضافيا للمغادرة، حيث صعدت تركيا هجماتها على المناطق الكردية في سوريا بعد تفجير في اسطنبول في نوفمبر أسفر عن مقتل ستة أشخاص وإصابة أكثر من 80 آخرين.
تركيا تهدد بعملية برية في سوريا منذ أشهر
إلا أن أنقرة تلقي باللوم في التفجير على حزب العمال الكردي المحظور والقوات الكردية، وقد نفى كلاهما مسؤوليته.
ومنذ ذلك الحين، قصفت الغارات الجوية التركية مناطق في شمال شرق سوريا، بما في ذلك كوباني، مما أدى إلى مزيد من الضرب للبنية التحتية المدمرة بالفعل إلى أن تعهدت أنقرة بغزو بري.
رحلة تملأها المخاطر
ولا تمر رحلة اللجوء هذه مرور الكرام، ففي السنوات القليلة الماضية لقي آلاف آخرون حتفهم أثناء قيامهم بالرحلة البحرية الخطرة.
كما كشف مهاجرون ومهربون أن العملية التي تستغرق أسابيع وتكلف آلاف الدولارات، تديرها شبكة مهربين تقدم رشاوى للجنود السوريين لإدخال الناس عبر نقاط التفتيش حيث يمكن احتجازهم بسبب التهرب من التجنيد أو النشاط المناهض للحكومة، ثم عبر الحدود التي يسهل اختراقها إلى لبنان.
لقاء متوقع قريب بين الأسد وأردوغان
وهناك يقيم المهاجرون عادة في شقق مزدحمة في بيروت لمدة أسبوع تقريبا في انتظار جوازات سفر عاجلة من السفارة السورية عن طريق وسيط المهربين.
ومع جوازات السفر في متناول اليد، يسافرون إلى مصر، حيث يمكن للسوريين الدخول بدون تأشيرة، ثم يستقلون رحلة أخرى إلى بنغازي في ليبيا التي مزقتها الحرب قبل الشروع في الرحلة إلى الجزائر عبر شبكة أخرى من المهربين، وذلك وفقا لـ”أسوشيتيد برس”.
يذكر أن ما لا يقل عن 246 مهاجرا كانوا اختفوا أثناء محاولتهم عبور غرب البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا في عام 2022، حسب ما ذكرت المنظمة الدولية للهجرة.
واتهمت جماعات حقوق الإنسان سلطات بلدان كثيرة باعتقال المهاجرين، وفي بعض الحالات طردهم عبر الحدود البرية.