فيما تحاول السلطات الإيرانية التخفيف من خطورة قضية التسمم التي عمت عشرات المدارس والجامعات في البلاد منذ نحو 4 أشهر، عادت إلى الأذهان قضية مماثلة جرت قبل سنوات عدة.
ففي عام 2014، شهدت مدينة أصفهان ، جنوب طهران، موجة اعتداءات مماثلة طالت النساء.
“أسيد حارق”
إذ تعرضت عشرات الفتيات إلى موجة من الهجمات باستخدام حمض حارق، بدت أنها تهدف في حينه إلى ترويع كل امرأة تخالف القواعد الصارمة المفروضة على ملابس النساء.
فيما تظاهر آلاف الإيرانيين في العاصمة طهران أمام مبنى البرلمان وفي أصفهان أمام محكمة المدينة ضد ظاهرة رش النساء بالأسيد، والتي أدت إلى إحراق وجوه وأجسام 17 امرأة في حينه، توفيت إحداهن إثر تعفن حروقها.
دواعش إيران
كما انطلقت آنذاك موجة انتقادات على شبكات التواصل الاجتماعي، وصفت الفاعلين بـ “دواعش إيران” مقارنين سلوكهم بسلوك عناصر داعش في العراق وسوريا.
ولطالما طالب المسؤولون لاسيما المتشددون منهم الذين يمسكون السلطة في البلاد، بوضع حد للنساء اللواتي لا يلتزمن بالحجاب الكامل.
إلا أن التحقيقات في تلك الاعتداءات لم تصل إلى نتيجة في حينه، ولم يتم توقيف أي معتدٍ.
عربات إسعاف أمام مدرسة طالبات في إيران(صورة مأخوذة من فيديو نشره ناشطون)
وها هوي السيناريو ذاته يتكرر اليوم في البلاد، مع بعض الفوارق في المواد المستعملة، إذ بينت المعطيات الأولية أن الطالبات اللواتي تعرضن للتسمم، تنشقن غاز النيتروجين.
“يدفعن الثمن”
لكن الدوافع مشابهة على ما يبدو، وتهدف إلى ترويع الطالبات والفتيات، لاسيما بعد مشاركتهن بقوة في التظاهرات التي عمت البلاد إثر وفاة الشابة مهسا أميني، منتصف سبتمبر الماضي، والتي أشعلت موجة احتجاجات واسعة للمطالبة بتخفيف القيود القمعية المفروضة على المرأة، وإلغاء فرض الحجاب الإلزامي.
فقد وجهت عدة ناشطات اتهامات للمؤسسة الدينية الحاكمة بالوقوف وراء التسميم انتقاما منهن. وكتبت الناشطة الإيرانية البارزة مسيح علي نجاد التي تعيش في نيويورك على تويتر قبل أيام “الفتيات في إيران الآن يدفعن ثمن الكفاح ضد الحجاب الإلزامي ويتعرضن للتسميم من جانب المؤسسة الدينية الحاكمة”.
لا مواد سامة أو خطيرة!
في المقابل، حاولت وزارة الداخلية الإيرانية التخفيف من شأن تلك القضية، معلنة أن التحقيقات لم تكشف عن وجود أي مواد سامة أو خطيرة في الطلاب الذين تم فحصهم.
كما اعتبرت أن 90 بالمئة من الشكاوى كانت ناجمة عن “القلق والمخاوف التي سادت الفصول”، مؤكدة أن “عددا محدودا” فقط من الطالبات شعرن بمضاعفات.، بحسب ما نقلت “وكالة مهر”.
أتى ذلك فيما عبر العديد من الأهالي عن غضبهم من تلك الظاهرة، واحتجوا أمام مدارس بناتهن في مختلف المناطق للمطالبة بتوقيف المتورطين.
يذكر أنه منذ نوفمبر الماضي بدأت موجة التسمم هذه، منطلقة من مدينة قم، حيث أصيب ما يقارب 800 طالبة بحالات إعياء ووجع في الأمعاء وإغماء، جراء تنشق غاز سام. لتكر السبحة لاحقاً، مع تعرض مئات المدارس لحالات مشابهة في مختلف المناطق.