fbpx
تشاد «على المحك».. واقع معقد ومشهد دستوري «بلا معالم»

تشاد «على المحك».. واقع معقد ومشهد دستوري «بلا معالم»


في القارة السمراء التي لا تهدأ، لم تكن تشاد بعيدة عن الاضطرابات، إذ شهدت أحداثا مؤسفة اعتبرها خبراء تزيد المشهد السياسي تعقيدا بالبلاد.

شرارة الأحداث انطلقت بمحاولة لاغتيال رئيس المحكمة العليا، ومهاجمة لمقار المخابرات العامة، ما أشعل الأوضاع وزاد من مخاوف دخول البلاد إلى نفق مظلم، قال الخبراء لـ«العين الإخبارية» إنه «سيكون له انعكاسات سيئة على الإقليم الأفريقي المضطرب».

فرنسا مسؤولة

الدكتور محمد شريف جاكو، القيادي البارز بجبهة الوفاق الوطني المعارضة في تشاد “فاكت” وجه أصابع الاتهام بشكل مباشر إلى فرنسا، وأنها تقف خلف الأحداث التي شهدتها أنجمينا الأربعاء.

وقال جاكو، في حديثه لـ “العين الإخبارية”، إن “فرنسا هي المسؤولة عن هذه الأحداث، لأنه منذ اغتيال الرئيس إدريس ديبي.. فرنسا هي التي نصّبت نجله محمد إدريس ديبي”.

وأعلنت السلطات التشادية في 2021 أن ديبي الابن سيحكم المرحلة الانتقالية لمدة 18 شهرا فقط، وبعدها يسلم السلطة للمدنيين، وعندما تمت المدة، قاموا بتمديدها 24 شهرا أخرى للانتهاء مما يسمى “الحوار الوطني حتى أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

وتظاهر الشعب لهذا التمديد، وقامت السلطات بقمع المتظاهرين، ووقع أكثر من 700 شخص ضحية لذلك، ما بين قتيل وجريح ومعتقل ومختف قسريا، وفرض الرئيس نفسه بعدها.

وتابع أنه تم تحديد انتخابات رئاسية عامة في السادس من مايو/أيار المقبل، لافتا إلى أن هناك حوالي 127 حزبا انضموا إلى الحزب الحاكم، وأن هناك حزبين فقط لم ينضما للحزب الحاكم، وأعلنا منافسة محمد إدريس ديبي، وهما حزب التجمع الوطني، والحزب الاشتراكي بلا حدود.

احتجاج ديلو

وقال المعارض التشادي البارز إن المحكمة العليا أصدرت قرارا بأن الرئيس المنتخب لحزب التجمع الوطني، محمد الله الطاهر، جاء بطريقة غير شرعية، وأنه يجب إقامة انتخابات أخرى لرئاسة الحزب”.

وأضاف أن “المحكمة اختارت وزير الأمن ليشرف على انتخابات الحزب المعارض، وكذلك الإشراف على تشكيل اللجنة المنظمة للانتخابات من قبل هذا الوزير التابع للحاكم، في واقعة لم تحدث من قبل”.

ولم يمر هذا مرور الكرام، فقد “احتج رئيس الحزب، وقامت السلطات من جانبها بإغلاق حساب الحزب ومقره حتى تتم الانتخابات تحت إشراف وزير الأمن”.

كما أنهم لم يكتفوا بذلك بل انتقلوا إلى “الحزب الاشتراكي بلا حدود” برئاسة يحيى ديلو، وهو رجل له تاريخ بالمعارضة، الذي أراد الترشح ضد إدريس ديبي الأب في وقت سابق، وقامت السلطات بهدم منزله وقتها وتوفت والدته إثر ذلك.

وأشار جاكو إلى أن “هناك أقاويل حول أنهم ذهبوا للحزب الاشتراكي وقاموا بإعلان فصل رئيس الحزب، وقالوا سنقدم شكوى للمحكمة العليا، وسط اتهامات المحكمة العليا بأنها متواطئة مع النظام، لأنها تصدر قرارات وفقا لمطالب الرئيس”.

وقال إن “السلطات أعلنت أن مسلحين مجهولين هاجموا مقر المحكمة ورئيسها غير موجود وهدموا أساس المقر. وآخرون قالوا إنها كانت محاولة لاغتيال رئيس المحكمة، وقامت السلطات باعتقال الأمين المالي للحزب وفي أثناء الاعتقال أطلق عليه النار وقتل فورا.

وأضاف أن “مجموعة من الشباب أنصار الحزب احتجوا على ذلك، وذهبوا إلى مقر المخابرات العامة للاحتجاج؛ لأن المخابرات هي التي قامت بمداهمة المقر”.

وفسرت السلطات هذا الاحتجاج بأنه بمثابة «هجوم وأطلقوا عليهم النار، وقتلوا حوالي 8 أشخاص، 5 من أنصار الحزب الاشتراكي، وأن الـ3 الآخرين من أنصار الرئيس ديبي».

وتابع أن هناك شائعات أن من بين القتلى عبد الكريم إدريس ديبي الأخ غير الشقيق للرئيس، وكان قائدا للمجموعة التي هاجمت المقر.

نفق مظلم

وبحسب جاكو فإن مجموعة من التدخل السريع، تابعة للرئيس هاجمت مقر الحزب لاعتقال رئيسه والذي تم اغتياله فيما بعد، وتم تبادل لإطلاق النار.

واستطرد: “يقال أيضا إن عم الرئيس، ومجموعة من الحرس القديم في النظام – تعمل ضد محمد إدريس ديبي- تدخلت لصالح الحزب الاشتراكي بلا حدود”.

 ولفت إلى أن “المشهد غير واضح بتشاد الآن، وأن الأخبار متضاربة، نظرا لقطع الإنترنت”، مؤكدا أن “الوضع صعب للغاية، وأن البلاد بهذه الأوضاع دخلت النفق المظلم”.

قابل للانفجار

أما الدكتور محمد تورشين، الباحث السوداني في الشأن الأفريقي، فقد رأى من جانبه أن «الأوضاع في تشاد ستتعقد شيئا فشيئا لاعتبارات عديدة».

 وقال تورشين لـ«العين الإخبارية» إن “من بين هذه الاعتبارات مخرجات الحوار الوطني، والتي أشارت إلى أنه سيكون هناك انتخابات عامة قريبا».

وأضاف أن “هذه الانتخابات سمحت للرئيس محمد إدريس ديبي بأن يترشح رغم أن هذا الأمر ربما لم يكن مرحبا به من قبل كثيرين لاسيما من أسرة ديبي، باعتبار أن هناك صراعا داخل منظومة الحكم بين الأعمام وبعض الأبناء”.

وتابع: “فضلا عن ذلك هناك بعض القوى السياسية التي لديها دور وتأثير بشكل أو بآخر في الحياة السياسية التشادية على المدى المتوسط والبعيد على مستوى الحزب الاشتراكي المتهم بمحاولة عضو منه – قتل-  الاعتداء على مقر المخابرات”.

وهناك أيضا “جبهة الوفاق من أجل التغيير في تشاد خارج المعادلة وعدم استجابتها للحوار الوطني”، متوقعا أن “هذا الأمر سيكون له ما بعده، وأنه سيفجر الأوضاع الداخلية في تشاد، وسيفجر الصراع داخل أروقة الأسرة الحاكمة عن مسألة الانتخابات ومن الذي سيكون مرشحا فيها.

 لافتا إلى الجزئية الأهم وهي عدم انخراط جبهة الوفاق من أجل التغيير المتمرّدة (فاكت) في المشهد السياسي، وقال ربما هذه العمليات تسلط الأضواء مجددا على الأوضاع في تشاد، وستسهم بشكل مباشر في استئناف العمليات العسكرية المختلفة.

يأتي هذا في ظل منطقة مضطربة في السودان والساحل الأفريقي وليبيا وأفريقيا الوسطى في ظل وجود تقاطعات دولية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا الشريك التاريخي.

وأضاف أن “كل هذه العوامل مجتمعة ستجعل الوضع في تشاد قابلا للانفجار في أي لحظة وسيكون له تداعياته على أمن واستقرار المنطقة”.

بداية الأحداث

الأحداث بدأت بكشف السلطات التشادية، الأربعاء، عن محاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا بدعم من الحزب الاشتراكي بلا حدود بقيادة يحيى ديلو.

وقالت وزارة الإعلام التشادية، في بيان، إن “الحكومة التشادية تخطر الرأي العام الوطني والدولي بأن محاولة اغتيال رئيس المحكمة العليا تمت بتحريض من السكرتير المالي للحزب الاشتراكي مما أدى إلى اعتقاله”.

وأشارت إلى أن “الوضع أخذ منعطفا دراماتيكيا مع هجوم متعمد من قبل المتواطئين مع هذا الشخص وعلى رأسهم عناصر من الحزب الاشتراكي بقيادة رئيس هذه الحركة يحيى ديلو ضد مقر وكالة الأمن الوطني للدولة مما أدى لوقوع وفيات”.

وتابعت: “تحركت الشرطة على الفور لإحباط هذا الهجوم المثير للقلق، والوضع الآن تحت السيطرة، وتم القبض على مرتكبي هذا الفعل أو جار البحث عنهم وسيتم محاكمتهم وفق القانون”.

كما أعلنت الحكومة في تشاد أنه تم التصدي لهجوم استهدف مقر الوكالة الوطنية لأمن الدولة (مقر المخابرات)، مشيرة إلى أن الهجوم تسبب في مقتل عدة أشخاص، دون تقديم حصيلة بالإعداد.

وبحسب المعلومات الواردة من نجامينا فإن هذه الأحداث يقف خلفها “ضغائن شخصية” بين ديلو والرئيس الانتقالي لتشاد، محمد إدريس ديبي، واللذان تربطهما صلة قرابة وأن هناك استنفارا في صفوف قوات الأمن في العاصمة نجامينا، وتم نشر قوات في عدد من المقار الحيوية وحصار مقر “الحزب الاشتراكي بلا حدود”، قبل القبض على زعيمه وبعض أنصاره.

موعد الانتخابات

وتأتي هذه التطورات بعد يوم واحد من تحديد موعد الانتخابات الرئاسية، المقرر أن تنهي المرحلة الانتقالية التي بدأت مع اغتيال الرئيس السابق إدريس ديبي في أبريل/نيسان 2021 على يد متمردي حركة “فاكت” في شمال البلاد.

وأعلنت هيئة الانتخابات، الثلاثاء، أن الانتخابات ستُجرى في 6 مايو/أيار المقبل، وذلك بعد أن تم الانتهاء من خطوة إعداد دستور جديد للبلاد، والاستفتاء عليه في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وكان محمد ديبي وعد بتسليم السلطة إلى المدنيين وتنظيم الانتخابات في غضون 18 شهرا، لكنه أضاف عامين آخرين على الفترة الانتقالية.

وفي منتصف يناير/كانون الثاني الماضي، اختار الحزب الحاكم محمد ديبي مرشحا له للانتخابات الرئاسية، خاصة وأن الدستور الجديد خفَّض سن الترشح للرئاسة من 40 عاما إلى 35، وهو ما اعتبره معارضون تأسيسا لاستمرار حكم ديبي الابن، حيث يبلغ الآن 39 عاما.

aXA6IDE5OS4xODguMjAxLjIzMyA=

جزيرة ام اند امز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *