fbpx

حياة غزة بين القصف والفقر

بقلم الصحفية فوزية مصطفى الشامي

أشهر عجاف
اليوم هو اليوم السادس والخمسون بعد المئتين، ونحن نأمل أن تتوقف حرب الإبادة الجماعية التي شلت ملامح الحياة وتفاصيلها.
منذ ثمانية أشهر ونحن مشردون بين الشمال والجنوب، نعيش في رعب مستمر ونواجه الفقدان والقهر في كل مكان، وهمنا الوحيد هو النجاة بأنفسنا من آلة الحرب الفتاكة.
منذ ثمانية أشهر، ونحن ندفن شهداءنا دون وداع، ونتألم من النجاة التي أصبحت أمنية بعيدة المنال، أما عن المجاعة فأصبحت أمعاؤنا خاوية لا يوجد بها سوى ماء غير صالح للشرب والخبز بلا خضراوات.
نعيش بلا كهرباء ولا نور سوى ضوء الشمس، أما عن قلة المياه، فهذه سبب رئيسي في زيادة الأوبئة جراء قلة النظافة، وأصابتنا أوبئة جراء نقص النظافة.
أما عن آلية جلب الماء في -كل صباح- من أماكن بعيدة يتخللها طرق مليئة بركام بيوتنا على كراسي متحركة أعدت للمعاقين حركيا، أصبح مطلبا أساسيا، أما في الظهيرة نبحث عن الحطب من البيوت المهدمة لطهي ما يسد رمقنا.
في هذه المرحلة الأكثر تعبا في حياتنا نحترق بنيران أزماتنا، ونتغير مع تغير الفصول، نواجه الفقد والفقر في كل ناحية، ونبحث عن بدائل لإكرام الموتى واحتضان النازحين، نتقاسم القهر والتعب بصمود لا مثيل له.
أيامنا تشابهت، فقدنا القدرة على تمييز ها، فنحن نعيش في زمن لا تشتغل فيه حتى ساعاتنا.
منذ ثمانية أشهر المرضى بلا علاج، والجرحى ينتظرون؛ نتيجة النقص الحاد في الإمكانات الطبية والعلاج، نأكل بلا تذوق، نتعذب بأصوات الصواريخ والقذائف العمياء، فنحن نموت من القهر والإهمال والحصار.
ملامحنا شاخت، وهاجس القلق والخوف يلاحقنا في كل وقت. نغفو على أصوات القصف ونستيقظ نتفقد أنفسنا هل نجونا من بطش القنابل.
تعطلت الطبيعة تحت وطأة الحرب غادر الوافدون ووصل المسافرون، ولد مئات ومات آلاف، ولم نستطع استنشاق نسيم بحرنا الذي أصبح ماءه ملوثا بآهات خيام النازحين الممتدة عليه.
ولا تزل صلتنا بالعالم معلقة، نقف على أطراف البلاد نراقب الصمت والخذلان، ونجلس أمام ركام جامعاتنا التي احتضنت النازحين الهاربين من أصوات الصواريخ.

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *