fbpx
الاقتصاد التركي.. الحصان الأسود في حسم جولة الإعادة

الاقتصاد التركي.. الحصان الأسود في حسم جولة الإعادة


لقد أصبح البصل رمزا لمشكلة التضخم الخطيرة التي يواجهها الأتراك، إذ صعد لمستويات تاريخية هذا العام.

بدأ الناخبون الأتراك يتجهون إلى صناديق الاقتراع، صباح اليوم الأحد، في جولة الإعادة للانتخابات التركية الرئاسية، يخوض فيها المرشحان رجب طيب أردوغان منافسه كمال كليجدار أوغلو.

وفي جولة الانتخابات الأولى يوم 14 مايو/أيار الجاري، حصل أردوغان على 49.5% من الأصوات، وهي نسبة تقل قليلا عن الأغلبية اللازمة للحسم من الجولة الأولى.

وحصل كليجدار أوغلو -وهو مرشح تحالف للمعارضة يضم 6 أحزاب- على تأييد 44.9% من الناخبين. بينما حل المرشح القومي سنان أوغان ثالثا بحصوله على نسبة 5.2% من الأصوات ليتم استبعاده.

تأتي الانتخابات الرئاسية، في وقت عانت البلاد من التضخم المتسارع، ويرجع ذلك جزئيا إلى السياسة الاقتصادية للحكومة المثيرة للجدل، وسط تراجع في سعر صرف العملة المحلية (الليرة).

ويدرك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يرشح نفسه لإعادة انتخابه اليوم، أن اقتصاده يتعثر وأن هذه العلامة السوداء على سجله، نتيجة لسياسة نقدية غير كفؤة، ومن المرجح أن يفقده الكثير من الأصوات.

لقد أصبح البصل رمزا لمشكلة التضخم الخطيرة التي يواجهها الأتراك، والذي صعد لمستويات تاريخية، فيما يمثل الوضع الخطير، لأن الخضار يحتل مكانة مركزية في المطبخ التركي، إذ ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد ستة أضعاف هذا العام.



والمعارضة حولت أسعار البصل والبطاطس إلى شعار حملتها ونشيد ضد غلاء المعيشة: “البطاطس، البصل، وداعا أردوغان!”، حيث تعاني معظم الأسر التركية من أسوأ أزمة تكلفة معيشية منذ عام 2001.

فالغذاء هو القطاع الأكثر تأثراً بالتضخم، ويقدر أنه بلغ في المتوسط 44% على أساس سنوي في أبريل/نيسان الماضي، وهو أعلى معدل بين الدول الناشئة؛ ومع ذلك، فقد كان تحسنا عن خريف عام 2022، عندما وصل إلى 85%.

ومع التضخم المتسارع، وانخفاض قيمة الليرة التركية، واتساع العجز التجاري وتخارج مستثمرين، تجد تركيا نفسها في نفس الاضطراب الذي حدث في عام 2001، قبل عام واحد من وصول أردوغان وحزبه العدالة والتنمية إلى السلطة. 

وهنا تبرز النقطة الإيجابية في الرئيس الحالي، ففي ذلك الوقت، تم تصحيح الوضع من قبل كمال درويش، مؤلف خطة إعادة تنظيم واسعة، وجاء أردوغان ليسير على نفس النهج ويحقق نجاحات قوية في الاقتصاد التركي.

منذ مطلع الألفية الحالية، ارتفعت الأجور في تركيا بأكثر من 5 أضعافها، وتراجعت مديونية البلاد لصالح صندوق النقد الدولي بنسبة 95%، وتراجعت البطالة إلى متوسط 11% من 17%.

كذلك، تفوقت تركيا على عديد الاقتصادات المتقدمة، ودخلت بقوة مجموعة العشرين، وتملك أحد أكثر الاقتصادات نموا منذ مطلع الألفية، لكن السنوات الأربع الماضية، أفقدت البلاد جزءا كبيرا من جاذبيتها.

وهنا، يمكن أن تكون الانتخابات نقطة تحول حقيقية بالنسبة لتركيا، لأنه في السنوات العشرين التي قضاها الرئيس رجب طيب أردوغان في السلطة (الحكومة والرئاسة)، لم يكن الإجماع حوله ونخبة حزب العدالة والتنمية السياسية منخفضا، لكنه بدا كذلك منذ 4 سنوات.

ودمرت الأزمة الاقتصادية جميع الأسر وانهارت الطبقة الوسطى في تركيا؛ وأدت الوصفات المتبعة في السنوات الأخيرة والتخفيض التدريجي لاستقلالية البنك المركزي، إلى دفع التضخم إلى أعلى مستوى في ربع قرن بأكثر من 85% في أكتوبر 2022.

أيضا، تعيش الليرة التركية منذ 2020، موجة تراجعات نتج عنها ارتفاع تكلفة المعيشة بشكل كبير، خاصة بالنسبة للشريحة الأضعف في المجتمع. لكن الطبقة الوسطى فقدت أيضا قوتها الشرائية وقيمة مدخراتها.

حتى شراء المواد الغذائية الأساسية أصبح أمرًا صعبًا للغاية بالنسبة لملايين العائلات نتيجة لارتفاع الأسعار. بينما لا يزال النمو قوياً ويظهر مقاومة لبقية مؤشرات الاقتصاد الكلي.

قطع الاقتصاد التركي خطوات كبيرة، وذلك بفضل الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي أجرتها حكومات حزب العدالة والتنمية والظروف المواتية والتيسير الكمي للبنوك المركزية الرئيسية التي تسببت في تدفق كبير لرأس المال في الأسواق الناشئة.

وتضاعف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد أكثر من ثلاثة أضعاف بين عامي 2001 و 2013 ثم إلى 2022، ووصل إلى ذروته عند 957 مليار دولار.

لكن في غضون سنوات قليلة، اختفت المعجزة الاقتصادية للبلاد، وأثر الوضع الاقتصادي غير المستقر الحالي بلا شك على السياسة التركية إلى جانب شعبية أردوغان وحزب العدالة والتنمية ، التي تراجعت مع تدهور الأوضاع الاقتصادية.