عدوى حرب غزة تتفشى بالشرق الأوسط.. هجمات صاروخية تدق أبواب التصعيد
مع دخول حرب غزة شهرها الرابع دون حلول تلوح في الأفق، هجرت مخاطر اتساع الحرب، الهواجس وطاولات المباحثات، إلى الواقع، بهجمات صاروخية، وتصعيد على جبهات عدة.
هجمات شقت طريقها إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن، سلطت الضوء على الخطر المتزايد للحرب في غزة التي قد تؤدي إلى صراع أوسع في المنطقة بين إيران وحلفائها من جهة، وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى.
تلك الهجمات التي أسفرت عن قتلى وجرحى في محاور عدة، فاقمت التوترات بين أطراف تشارك بصورة أو بأخرى في حرب غزة، سواء كونها طرفًا رئيسيا (حماس وإسرائيل) أو طرفا مساعدا بالأسلحة أو شن هجمات (أمريكا وإيران وحزب الله).
فما آخر ملامح ذلك التصعيد؟
قال سكان ومسلحون يوم السبت إن مقاتلين فلسطينيين واجهوا دبابات حاولت التقدم مجددا إلى الضواحي الشرقية لمنطقة جباليا في شمال غزة حيث بدأت إسرائيل سحب القوات والانتقال إلى عمليات أضيق نطاقا.
واندلعت أحداث حرب في غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عندما اقتحم عناصر حركة حماس الدفاعات الحدودية لمهاجمة قواعد وبلدات إسرائيلية، ما أدى بحسب المسؤولين الإسرائيليين إلى مقتل أكثر من 1200 شخص واحتجاز ما يزيد على 200 رهينة. وردت الدولة العبرية بقصف وعملية عسكرية، تقول السلطات الصحية في القطاع الذي تديره حماس إنها أدت إلى مقتل ما يقرب من 25 ألفا من الفلسطينيين.
وبحسب شهود العيان، فإن إسرائيل قصفت أهدافا في أنحاء قطاع غزة أمس السبت مع إسقاط طائراتها منشورات على رفح تحث فيها الفلسطينيين النازحين هناك على المساعدة في تحديد مواقع الرهائن الذين تحتجزهم حماس.
وذكر الجيش الإسرائيلي أن طائراته قصفت مجموعات من المسلحين حاولت زرع متفجرات قرب القوات وإطلاق صواريخ على دبابات في شمال غزة، وأضاف أنه يقصف أهدافا في أنحاء القطاع.
عدوى التصعيد تتفشى
وتفشت عدوى التصعيد في غزة عبر المنطقة؛ فعلى مدى الأشهر الثلاثة الماضية ضربت إسرائيل مرارا أهدافا إيرانية في سوريا أيضا، في حين أطلقت الجماعات المتحالفة مع إيران في سوريا والعراق النار على أهداف أمريكية في هذين البلدين.
وقالت إيران يوم السبت، إن خمسة من أفراد الحرس الثوري الإيراني قتلوا في هجوم صاروخي على منزل في دمشق متهمة إسرائيل بالوقوف وراءه.
ووسط التوتر الإقليمي المتصاعد، ذكرت وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانية أن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي توعد بمعاقبة إسرائيل على الهجوم في سوريا، ووصفه بأنه «جرائم» لن تمر دون رد. ولم يصدر تعليق من إسرائيل التي لا تعلق عادة على هذه الهجمات بشكل علني.
وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن ثلاثة ضباط من الحرس الثوري الإيراني قتلوا في غارة إسرائيلية، مشيرة إلى الضباط بلقب شرفي يستخدم فقط للجنرالات، مما يشير إلى أن القتلى من القادة الكبار. ولم تصدر إسرائيل أي تعقيب، وعادة لا تناقش مثل هذه الهجمات علنا.
وإلى لبنان، الذي سرعان ما أثار القصف الإسرائيلي المكثف على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اشتباكات على الحدود بينه وإسرائيل، كان حزب الله طرفًا رئيسيا فيها.
وأكد مصدران أمنيان في لبنان أن ضربة إسرائيلية هناك أدت لمقتل عضو في جماعة حزب الله.
أما العراق فلم يكن بعيدًا عن ذلك التصعيد؛ ففي وقت لاحق أمس السبت، قالت القيادة المركزية الأمريكية إن مليشيات مدعومة من إيران في العراق استهدفت قاعدة عين الأسد الجوية التي تتمركز بها قوات أمريكية بصواريخ وصواريخ باليستية.
وذكرت في بيان أن عددا من الجنود الأمريكيين يخضعون لفحوصات لتقييم مدى تعرضهم لإصابات في المخ، مضيفة أن جنديا عراقيا واحدا على الأقل أصيب.
مخاوف أممية
ذلك التصعيد في العراق، أثار مخاوف أممية؛ فجنين بلاسخارت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق حذرت يوم السبت من خطر انجرار العراق إلى الصراع في الشرق الأوسط.
وقالت بلاسخارت في بيان: «يمر الشرق الأوسط بمرحلةٍ حرجة، حيث يهدد الصراعُ المحتدم في غزة والأعمالُ المسلحة في أماكن أُخرى باندلاع مواجهة كبيرة».
وتابعت أن «العراق معرض لخطر المزيد من الانجرار إلى هذا الصراع. فعلى الرغم من جهود الحكومة لمنع تصاعد التوترات، إلا أن الهجمات المستمرة – والتي تنطلق من داخل حدود العراق وخارجها – من شأنها أن تؤدي إلى تقويض الاستقرار الذي تحقق بعد جهدٍ جهيدٍ في البلاد والإنجازات التي حققتها في السنوات الأخيرة».
وأكدت أن «جميع جهود الأمم المتحدة تتركز على السعي إلى إنهاء الصراع في غزة وتجنب امتداده إلى المنطقة. وقد دعا الأمين العام مراراً وتكراراً إلى وقفٍ فوريٍّ لإطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، وإيصال الإغاثة المستدامة، والاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن».
وأضافت أن «استقرار العراق وأمنه هما في مقدمة وصُلب جميع أعمالنا. ونكرر نداءنا إلى جميع الأطراف لممارسة أقصى درجات ضبط النفس».
تهديدات حوثية
اليمن بدوره، كان في قلب حرب غزة؛ بتصعيد شنه الحوثيون على حركة الشحن في البحر الأحمر، مما دفع الولايات المتحدة إلى شن هجمات مستمرة، لتحييد مخاطرهم، كان آخرها، يوم السبت، قائلة إنها استهدفت صاروخا أعدته حركة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران لضرب أهداف في البحر الأحمر، ووصفته بأنه كان يمثل تهديدا لحركة الشحن البحري.
وصارت للصراع في غزة تداعيات دولية أوسع بعدما بدأ الحوثيون في استهداف السفن العابرة للبحر الأحمر التي يقولون إنها متجهة إلى إسرائيل أو على صلة بها. وتتجنب الآن بعض شركات الشحن الكبرى مرور سفنها عبر هذا الممر المائي مما يضر بحركة التجارة العالمية.
وتستهدف ضربات أمريكية وبريطانية منذ أسبوع قوات الحوثيين في اليمن.
قلق خليجي
وعبر وزير الخارجية السعودي عن قلقه من أن يؤدي التوتر في منطقة البحر الأحمر بسبب هجمات الحوثيين والضربات الأمريكية المضادة إلى خروج الوضع عن نطاق السيطرة في الشرق الأوسط.
وقال الأمير فيصل بن فرحان في مقابلة مع فريد زكريا مقدم برنامج جي.بي.إس على محطة (سي.إن.إن) تبث اليوم الأحد «أعني، بالطبع، أننا قلقون للغاية. أعني، كما تعلمون، أننا نمر بوقت صعب وخطير للغاية في المنطقة، ولهذا السبب ندعو إلى وقف التصعيد».
وتقول مصادر إيرانية ومصادر أخرى في المنطقة إن لدى إيران وحزب الله أفرادا في اليمن يساعدون في شن الهجمات المباشرة على سفن الشحن غير أن الحوثيين ينفون ذلك.
aXA6IDE5OS4xODguMjAxLjIzMyA= جزيرة ام اند امز