نجاح مؤقت حصدته الحكومة الفرنسية الجديدة بعد نجاتها من سحب الثقة، لكن التحدي الأكبر لا يزال ينتظرها في المرحلة المقبلة.
وقال الخبير الاقتصادي الفرنسي، جان بيزاني-فيري، إن حكومة رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو تواجه الآن “الاختبار الحقيقي” بعد أن نجت بصعوبة من تجاوز حجب الثقة في الجمعية الوطنية.
ووفق فيري، فإن الحكومة تجد نفسها أمام مهمة شاقة، وهي تمرير مشروع قانون المالية لعام 2026، وسط انقسام سياسي عميق وضغوط اقتصادية متزايدة.
الباحث في مركز “Bruegel” الاقتصادي الأوروبي، ومقره بروكسل، قال لـ”العين الإخبارية” إن الحكومة الفرنسية تواجه معضلة مالية غير مسبوقة بعد تجاوزها اختبار حجب الثقة.
وأضاف أن “تجميد إصلاح نظام التقاعد قد يهدئ التوترات السياسية مؤقتًا، لكنه يفتح ثغرة مالية جديدة في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ضبط عجزها لا إلى تعميقه”.
وأوضح أن الموازنة المقبلة “ستكون اختبارًا حقيقيًا لقدرة فرنسا على الجمع بين الانضباط المالي والحفاظ على التماسك الاجتماعي”، مشيرًا إلى أنّ “الأسواق والمفوضية الأوروبية تراقبان الوضع عن كثب”.
كما رأي أن الحكومة “نجت سياسيًا لكنها ما تزال محاصرة اقتصاديًا”.
تفاوض مستمر
فيري مضى قائلا إن “غياب أغلبية مستقرة سيجعل تمرير قانون المالية أشبه بعملية تفاوض مستمرة، مما يزيد من حالة عدم اليقين لدى المستثمرين”.
وأشار إلى أن التحدي الأكبر أمام الحكومة “ليس فقط إعداد الموازنة، بل استعادة الثقة في قدرتها على تنفيذ إصلاحات طويلة الأمد دون المساس بالنمو”.
وبعد أن رفض البرلمان الفرنسي، يوم الخميس، مقترحين لحجب الثقة اللذين تقدمت بهما كل من حركة فرنسا الأبية وحزب التجمع الوطني، أصبح الطريق ممهداً أمام لوكورنو لمناقشة الميزانية الجديدة، على أمل أن تتمكن حكومته من إقرارها قبل نهاية العام.
لكن هذه النجاة السياسية جاءت بثمنٍ باهظ، إذ اضطر رئيس الوزراء إلى التفاهم مع الحزب الاشتراكي مقابل تعليق إصلاح نظام التقاعد، وهو ما أثار استياءً واسعاً لدى اليمين واليسار على حد سواء.
معركة
اللجان المالية في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ستبدأ مناقشة مشروع قانون المالية (PLF) يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، على أن تُطرح المسودة أمام النواب للتصويت في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي الوقت نفسه، سيبدأ البرلمان دراسة قانون تمويل الضمان الاجتماعي (PLFSS) الذي من المنتظر التصويت عليه يوم 12 نوفمبر.
وتعيش فرنسا اليوم، لحظة سياسية دقيقة: حكومة ضعيفة نجت بأصوات قليلة، وبرلمان منقسم، واقتصاد يئن تحت ثقل الدين العام.
ويرى مراقبون أن مناقشات الموازنة المقبلة قد تكون إمّا فرصة لترميم الثقة، أو الشرارة التي تعيد البلاد إلى دوامة الأزمات في الجمهورية الخامسة.
aXA6IDE5OS4xODguMjAxLjIzMyA= جزيرة ام اند امز