fbpx
مكالمة روبيو ولافروف.. هل تكون «الأغلى تاريخيا»؟

مكالمة روبيو ولافروف.. هل تكون «الأغلى تاريخيا»؟

دون قصد، أدت مكالمة وزيري خارجية روسيا والولايات المتحدة إلى أكبر تراجع استراتيجي في الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

فالمكالمة الهاتفية يوم الإثنين الماضي، ربما تكون «الأغلى في التاريخ» التي أجراها وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف مع نظيره الأمريكي ماركو روبيو، والتي كان قد أبلغه فيها أن الكرملين لم يتراجع عن مطلبه بحصّة من أراضي أوكرانيا أكبر مما تسيطر عليه القوات الروسية حاليًا، بحسب صحيفة «التلغراف» البريطانية.

هذه المكالمة أطلقت دون قصد، شرارة التحول الأكبر والأكثر أهمية في الولاية الثانية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وفقا لما ذكره ديفيد بلير في مقال رأي نشرته صحيفة “تلغراف” البريطانية.

وأشار المقال إلى أن ترامب كان يتجنب حتى الآن فرض أي عقوبات أمريكية جديدة على روسيا، رغم أن تحديثات بريطانيا والاتحاد الأوروبي لقيودهما على روسيا وحملاتهما المستمرةً لمواجهة أساليب الكرملين المُتطوّرة في خرق العقوبات.

تحول مفاجئ

فجأةً، تغيّر هذا الوضع بشكلٍ انتقامي وفرض ترامب عقوباته الأولى و”الهائلة” على روسيا والتي تستهدف ركيزتين أساسيتين من ركائز الاقتصاد الروسي وهما شركتا النفط “روسنفت” و”لوك أويل” اللتان تُمثلان معًا حوالي نصف إجمالي صادرات الكرملين من النفط الخام.

وفي ظل خسارة موسكو لمعظم أسواقها الخارجية للغاز، أصبحت شحنات النفط المصدر الأكبر لإيرادات آلتها الحربية ورغم أنها الدولة الأكثر خضوعًا للعقوبات في العالم، تمكنت روسيا الشهر الماضي من تصدير 5.1 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عامين، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.

والآن، يُهدد الهجوم الأمريكي على “روسنفت” و”لوك أويل” بسحق هذه الأرباح خاصة وأن روسيا تعتمد على دولتين فقط هما الصين والهند اللتين تشتريان معًا حوالي 75% من صادرات الكرملين النفطية المنقولة بحرًا.

تساؤلات بلا أجوبة

والسؤال الآن: هل ستستجيب مصافي التكرير في هاتين الدولتين لقرار ترامب بخفض مشترياتها من النفط الخام الروسي؟

نظريًا، لا تنطبق العقوبات الأمريكية على الشركات الأجنبية حيث تحظر فقط على جميع الكيانات الأمريكية التعامل مع “روسنفت” و”لوك أويل” وفروعهما المختلفة، بينما سيتم تجميد أي أصول للجهات المستهدفة في المؤسسات الأمريكية، لكن حتى ترامب ليس له سلطة قضائية خارج حدود أمريكا فهل سيفرض ترامب “عقوبات ثانوية” على أي شركات أجنبية تواصل التعامل مع الشركتين الروسيتين؟

مجرد احتمال “العقوبات الثانوية” قد يكون كافيًا لبعض شركاء بوتين الموثوق بهم للتخلي عنه وحتى قبل استهداف “روسنفت” و”لوك أويل”، أعلن ترامب أن الهند قد قررت بالفعل التوقف عن شراء النفط الروسي لكن الصين ستكون وآخر دولة في العالم تتجنب روسيا.

يؤمن الرئيس الصيني شي جين بينغ إيمانًا راسخًا بصداقته “اللامحدودة” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الذي يعتبره حليفًا حيويًا في الصراع ضد الهيمنة الأمريكية.

ومع ذلك، إذا اختارت الصين والهند تحدي ترامب والاستمرار في شراء نفط بوتين، مخاطرَين بعقوبات ثانوية أمريكية، فمن المؤكد أن كلا البلدين سيعقدان صفقةً صعبة مع مورديهما الروس.

فمنذ فرض العقوبات الأولى، اشترت الصين والهند النفط الروسي بخصم كبير وهذا الشهر، اضطرت روسيا لعرض برميل خام الأورال بسعر أقل بنحو 13 دولارًا من سعر السوق البالغ حوالي 65 دولارًا.

وبفضل عقوبات ترامب الجديدة، من شبه المؤكد أن هذا الخصم سيزداد، مما سيقلل من عائدات روسيا حتى لو استمرت الصين والهند في شراء نفس الكمية من النفط.

ومع امتناع ترامب حتى الآن عن فرض “عقوبات ثانوية” فإن جميع القيود الاقتصادية، مهما كانت قاسية، هي سم بطيء المفعول.

وفي الوقت نفسه لا يزال ترامب يمتنع عن توجيه ضربة قاضية بتسليح أوكرانيا بصواريخ “توماهوك” لاستخدامها ضد مصافي النفط الروسية.

لكن خنق صادرات بوتين في الخارج، مع توفير الأسلحة اللازمة لتدمير صناعة الطاقة في الداخل، «سيكون الخيار الأكثر إيلاما والذي يحتفظ به ترامب لتعزيز النفوذ الأمريكي على روسيا»، بحسب الصحيفة البريطانية.

في المقابل، ينبغي على بوتين ولافروف إمعان النظر في «فداحة فشلهما الدبلوماسي»، بحسب تعبير ديفيد ميلر الذي أشار إلى «توبيخ ترامب يوم الجمعة الماضي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض حيث دعاه إلى تسوية النزاع وإلا فسيواجه الدمار».

وكان بوتين على وشك أن يحظى بقمة أخرى مع ترامب في العاصمة المجرية بودابست وهي وجهة كانت ستُرضي بوتين وتمكنه من تحدي 3 مؤسسات بزيارة دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو) والمحكمة الجنائية الدولية التي سبق وأصدرت مذكرة اعتقال بحقه.

لا خسارة كاملة

لكن المقال اعتبر أن بوتين لم يحصل على قمة ولا حصانة من العقوبات الأمريكية الجديدة بل على العكس قرر ترامب فجأةً توجيه ضربة لروسيا.

ومع ذلك، فإن تحرك ترامب المفاجئ يُوحي للروس بأنهم لم يخسروا كل شيء بعد، فلم يفرض ترامب أي عقوبات ثانوية حتى الآن، ولن تهاجم صواريخ توماهوك الأمريكية مصافي النفط الروسية ويعلم بوتين أن الرئيس الأمريكي قادر على تغيير موقفه مرة أخرى وإلغاء العقوبات الجديدة.

فهل سيحاول بوتين ضمان هذا التحول والاتصال بترامب والتراجع عن مطالبه ضد أوكرانيا؟.. ربما تكون هناك مكالمة هاتفية أخرى.

aXA6IDE5OS4xODguMjAxLjIzMyA=
جزيرة ام اند امز

US